احتدام الكباش بين تل أبيب وأنقرة على الحلبة السورية
08 Apr 202506:50 AM
احتدام الكباش بين تل أبيب وأنقرة على الحلبة السورية
نداء الوطن

نايف عازار

نداء الوطن
تنظر إسرائيل بعين الريبة إلى التحولات الجذرية التاريخية الدائرة على مسرح جارتها السورية، وتبدي اهتماماً كبيراً برصد خريطة التحوّلات العسكرية وتوزُّع موازين القوى على الأرض السورية المتحرّكة، لا بل تساهم في رسم هذه الخريطة بالنار، كما تفعل في الجنوب وصولاً إلى عمق الأراضي السورية.

وتعاظمت ريبة الدولة العبرية في الآونة الأخيرة، مع استشعارها بتمدّد الدور التركي الأمني والعسكري في الميدان السوري، فيما يزداد الحديث عن نية أنقرة إقامة قواعد عسكرية ثابتة في "سوريا الشرع". وتركيا بطبيعة الحال ترتاح لمجاوَرة "نظام سني"، بعدما كانت ترتاب من النظام العلوي السابق الموالي لنظام الملالي، والذي كانت تعتبره خصماً لدوداً وكادت تنشب بينهما أكثر من حرب في تاريخهما الحديث، بينما إسرائيل يساورها القلق من العهد الجديد لـ "الجولاني السابق"، بعدما نعمت "بفضل" آل الأسد بعقود طويلة من الهدوء والطمأنينة على جبهة الجولان.

"عاطفة جيّاشة" حيال الدروز

عمدت تل أبيب إلى توجيه رسالة نارية إلى أنقرة ودمشق في آن، تُرجمت بقصفها ثلاث قواعد جوية على الأقل في سوريا، كان يُفترض أن تنشر تركيا قواتها فيها بموجب اتفاق دفاعي كاد يُبرم مع السلطات السورية. ومن نافل القول إن إسرائيل تسعى جاهدة إلى الحفاظ على تفوّقها العسكري في سوريا، وخير دليل على ذلك قضمها مناطق عدة في الجنوب السوري، حيث تبدي "عاطفة جيّاشة" حيال الدروز، وكلّ ذلك بغية إقامة مناطق أمنية، تَقيها شرّ أي هجوم مباغت شبيه بهجوم 7 تشرين الأوّل.

وبعدما أمست الدولة العبرية لاعباً رئيسياً على الساحة السورية، خصوصاً الجنوبية منها، تجهد تركيا لتعزيز موقعها الأمني والعسكري هناك، محاولةً بذلك أن تحلّ محلّ إيران المتقهقرة في المنطقة بعد إعطاب أذرعها، لذلك ينعت بعض الأصوات السياسية والأمنية المرتفعة في إسرائيل الدور التركي في سوريا بـ "السلبي"، ويبدي قلقه الكبير حياله.

وبلغ الأمر ببعض المسؤولين الإسرائيليين حدّ اعتباره أن نظام أردوغان لا يختلف عن النظام الإيراني ولا يقلّ سوءاً عنه على المسرح السوري، لذلك يتوجّس بعض المراقبين في الدولة العبرية من مغبة فشل الحكومة الإسرائيلية في التعامل مع الوجود التركي العسكري في سوريا، كما فشلت سابقاً في منع الوجود الإيراني العسكري والأمني وأذرعه المتنوّعة في البلاد لسنوات عديدة.

سياسة الهروب إلى الأمام

وليس خافياً على أحد، أن رئيس الحكومة اليمينية المتطرّفة بنيامين نتنياهو ينتهج سياسة الهروب إلى الأمام، في خضمّ مشكلاته الداخلية المتنوّعة واللامتناهية، ما قد يقوده إلى توسيع رقعة ضرباته العنيفة في الأراضي السورية، خصوصاً تلك التي تطمح تركيا إلى إقامة قواعد عسكرية عليها، فضلاً عن ذلك، ومن النظرة الاستراتيجية، يعتبر العقل الأمني في إسرائيل أنه ومنذ هجمات 7 تشرين الأوّل، بات لزاماً على قادتها إدارة الحرب في عمق دول أعدائها وجيرانها، عوض انتظار العدو للوصول إلى الديار.

إذاً، الكباش يحتدم بين القوّتين العسكريتين الكاسرتين في المنطقة، إسرائيل وتركيا، على الحلبة السورية اليافعة وغير المضبوطة، فهل تفلح الدولة العبرية في إجهاض التمركز التركي في الربوع السورية؟ أم أن الوجود العسكري الإيراني الآفل في دمشق سيُستبدل عاجلاً وليس آجلاً بالوجود العسكري التركي الصاعد؟